بناة السلام المحليين في تعز يداً بيد في مسيرة طويلة نحو السلام

بناة السلام المحليين في تعز يداً بيد في مسيرة طويلة نحو السلام

اجتمعت قيادات من المجتمع المدني والقطاع الخاص هذا الشهر في عمان-الأردن لعقد ورشة عمل حول بناء السلام على المستوى المحلي في تعز سعياً منهم لتعزيز الجهود المحلية للتخفيف من المعاناة الإنسانية في المحافظة. وتأتي هذه الورشة بتنظيم من مؤسسة ديب روت للاستشارات بالشراكة مع مبادرة إدارة الأزمات الفنلندية CMI، كجزء من مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي لدعم جهود صنع السلام الشاملة والانتقال السياسي في اليمن.


بعد أكثر من أربع سنوات من القتال المستمر تحولت تعز إلى واحدة من أكثر المناطق تضرراً مما أصبح يعرف على نطاق واسع بأسوأ أزمة إنسانية على وجه الأرض. وبالرغم من كل الدمار، إلا أن تعز لا تزال موطنًا لمجتمع مدني نشط وثري بالخبرات، فلطالما عمل الناشطون الاجتماعيون والقادة المجتمعيون في تعز وفي الخارج بجد واجتهاد من أجل إحياء ثقافة التعايش وتعزيز وقف إطلاق النار وغيرها من تدابير الحد من التصعيد خلال الصراع الجاري، وعلى الرغم من كل ذلك غالباً ما يظل بُناة السلام هؤلاء معزولين عن عمليات صنع القرار ويفتقرون إلى مساحات آمنة ومحايدة لتنسيق عملهم مع شبكات أوسع سواء كان ذلك عبر القطاعات المختلفة أو مع الفئات السكانية المختلفة وخاصة الشباب.



ومن أجل توفير مثل هذه المساحة لتبادل الخبرات وتحسين التنسيق وإلقاء الضوء على الفرص الحالية لتحقيق تقدم في أجندتهم المشتركة والمتمثلة في التخفيف من سوء الوضع الإنساني في تعز، عقدت مجموعة متنوعة من المجتمع المدني والقيادات النسوية والشابة ورجال الأعمال من تعز ورشة العمل في عمان-الأردن يومي 1 و 2 سبتمبر، واستضاف الاتحاد الأوروبي هذه الورشة التي تميزت بأن نصف المشاركات فيها كن من النساء مما يعكس الدور القوي الذي تلعبه المرأة في طليعة جهود بناء السلام في تعز ويظهر كذلك التزام الاتحاد الأوروبي والشركاء المنفذين لدعم مشاركة النساء في اليمن.


يمكن أن تلعب المبادرات المحلية التي تتبنى نهجاً تصاعدياً أي -من أسفل إلى أعلى- دورًا مكملاً قوياً في التخفيف من المعاناة الإنسانية في تعز بالتوازي مع الجهود السياسية والرسمية المتمثلة في مسار عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة بعد مشاورات السويد. وقد أشار المبعوث الخاص للأمم المتحدة في اليمن السيد مارتن غريفيث إلى ذلك في إحاطته لشهر يوليو أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قائلاً: "آمل أيضًا أن تستفيد تعز من دعم المبادرات المجتمعية لرأب الصدع الذي تسببت به الحرب". وقد حضر المبعوث الخاص للأمم المتحدة في اليمن إلى جانب وفد الاتحاد الأوروبي إلى اليمن ورشة العمل وقدم لمحة عامة عن عملية السلام الوطنية الجارية وأكد على أهمية دور قادة المجتمع المدني في تعز في قيادة الطريق نحو السلام.


بعد ورشة العمل، أشاد المبعوث الخاص في احاطته أمام مجلس الأمن يوم 16 سبتمبر 2019بالمشاركين في الورشة وجهودهم على الأرض، وأكد أنه لن يتوقف عن جهوده لمساعدة المدنيين في تعز. "إلا أنني أريد فعل ذلك بدعم من المجتمع المحلي والمجموعات النسوية التي نشطت على القضايا ذاتها في تعز واجتمعوا كلهم حول القضية، وقد كان لي شرف اللقاء بهم في ندوة حوارية استضافها الاتحاد الأوروبي في عمَّان منذ أسابيع." وأضاف المبعوث الخاص أنه "لا شك في أن الطاقة والإرادة الخلّاقة والرغبة في تحسين ظروف العائلات والمدنيين كما رأيتها في تلك المجموعات التي تشكّل مثالاً يحتذى، ما هي إلا طاقة استثنائية وأودّ أن أشارك في دعمهم".



ناقش المشاركون الوضع الحالي في تعز واستعرضوا الجهود الكثيرة التي بذلت منذ العام 2015م للتخفيف من المعاناة الإنسانية، وتضمنت تلك الجهود المبادرات والحملات التي تركزت على فتح الطرق وتيسير تبادل الأسرى وتعزيز التماسك الاجتماعي. شارك خبراء في التوسط في النزاع وإصلاحات القطاع الأمني ​​من الاتحاد الأوروبي ومكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة في اليمن تجاربهم وخبراتهم الدولية، قبل أن يوجه المشاركون انتباههم نحو المستقبل حيث قاموا بصياغة عدد من المبادرات التي سيعمل عليها المجتمع المحلي لمعالجة أكثر القضايا والمشاكل إلحاحًا والتي تواجه المدنيين في تعز.


أشار العديد من المشاركين خلال المناقشات إلى أن هناك نجاحات صغيرة تتحقق على أرض الواقع حتى وإن خيم عليها فشل الاتفاقات الأكبر أو لم تعطى الاهتمام من قبل الأطراف السياسية على المستوى المركزي والأطراف الدولية، فعلى سبيل المثال تستمر اتفاقات تبادل الأسرى التي ييسرها ويتوسط فيها وسطاء محليون من تعز، وعلى الرغم من صغر حجم تلك التبادلات إلا انها قد أسفرت عن إطلاق سراح مئات السجناء مما أدى إلى تغيير حياة الآلاف من أفراد أسرهم وبناء درجة من الثقة بين بناة السلام المحليين والأطراف المتحاربة. وبناء على تحليل الدروس المستفادة من الجهود السابقة، قام بناة السلام المشاركين بوضع استراتيجيات للاستفادة بشكل أكثر فاعلية من الفرص الموجودة حاليًا، وقدموا أفكاراً ورؤى للمجتمع الدولي حول الجوانب التي يمكن أن يكون فيها لدعمهم أثراً أكبر في تعز وفي اليمن بشكل عام.





صُمم مشروع دعم جهود صنع السلام الشاملة والانتقال السياسي في اليمن الممول من أداة التمويل في الاتحاد الأوروبي المخصصة للمساهمة في ترسيخ الاستقرار والسلام والمنفذ عبر شراكة بين كل من مؤسسة ديب روت للاستشارات ومنظمة مبادرة إدارة الأزمات الفنلندية CMI لتوفير دعم مرن وفعال لجهود السلام وما يتليها من عملية انتقال سياسي في اليمن والمساهمة في استعادة ثقافة الحوار لتسوية الخلافات قبل وأثناء عملية السلام، ويقوم المشروع بالتالي على ضمان العمل التعاوني والجاد بين الجهات الفاعلة الرئيسية على جميع المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية.



مؤسسة ديب روت هي مؤسسة استشارية يتمثل محور تركيزها على قضايا التنمية في اليمن. تهدف مؤسسة ديب روت إلى تقديم يد العون للجهات الفعالة في التنمية الدولية، والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني المحلي والجهات الحكومية وذلك من أجل ترسيخ تدخلاتهم في فهم عميق للسياقات الوطنية والمحلية في اليمن، وبما يتناسب مع أفضل الممارسات الدولية. تتمتع إدارة المؤسسة ومجلس المستشارين في ديب روت بخبرة عملية طويلة في اليمن في القطاعات العامة والخاصة وغير الربحية.








مبادرة إدارة الأزماتCMI) ) هي منظمة فنلندية مستقلة، تأسست في عام 2000 من قبل الرئيس السابق مارتي أهتيساري والحائز على جائزة نوبل للسلام. تعمل هذه المبادرة على منع وحل النزاعات العنيفة من خلال الحوار الغير الرسمي وعن طريق استخدام الوساطات. حيث وأن هذه الحلول تقوم على أساس مبادئ الوساطة الصادقة والملكية المحلية والشمول والتكامل. مما جعل هذه المبادرة تنمو لتصبح أحد الرواد في هذا المجال






                                                                                                                                   يمول هذا المشروع من قبل الاتحاد الأوروبي